فصل: تفسير الآيات (8- 16):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.تفسير الآيات (8- 16):

قوله تعالى: {وُجُوهٌ يومئِذٍ ناعمة (8) لِسَعْيِهَا راضية (9) فِي جَنَّةٍ عالية (10) لَا تسمع فِيهَا لاغية (11) فِيهَا عين جارية (12) فِيهَا سُرُرٌ مرفوعة (13) وَأَكْوَابٌ موضوعة (14) وَنَمَارِقُ مصفوفة (15) وَزَرَابِيُّ مبثوثة (16)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما ذكر الأعداء وقدمهم لما تقدم، أتبعه الأولياء فقال مستأنفاً ذكر ما لهم من ضد ما ذكر للأعداء: {وجوه يومئذ} أي إذ كان ما ذكر {ناعمة} أي ذات بهجة وسرور تظهر عليها النعمة والنضرة والراحة والرفاهية بضد تلك الناصبة، لأن هؤلاء أتبعوا أنفسهم في دار العمل الدنيا وصبروا على التقشف وشظف العيش {لسعيها} أي عملها للآخرة الذي كأنه لا سعي غيره خاصة لعلمها أنه منج {راضية} لما رأت من ثوابه تود أن جميع سعيها في الدنيا كان لذلك بعد أن كان ذلك السعي الذي هو للآخرة كريهاً إليها في الدنيا لا تباشره إلا بشق الأنفس.
ولما ذكر السعي أتبعه ثوابه فقال: {في جنة عالية} أي في المكان العالي والمكانة العالية والأشجار والغرف وغير ذلك بما صرفوا أنفسهم عن الدنايا ورفعوا هممهم إلى النفائس.
ولما كان ما كان من هذا لا يصفو، وفيه ما يكره من الكلام قال منزهاً لها عن كل سوء: {لا تسمع} أي أيها الداخل إليها- على قراءة الجماعة.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ورويس عن يعقوب بالبناء للمفعول وهو أبلغ في النفي {فيها لاغية} أي لغو ما أو نفس تلغو أو كلمة ذات لغو على الإسناد المجازي، بل المسموع فيها الذكر من التحميد والتمجيد والتنزيه لحمل ما يرى فيها من البدائع على ذلك مع نزع الحظوظ الحاملة على غيره من القلوب بما كانوا يكرهون من لغو أهل الدنيا المنافي للحكمة.
ولما وصف الجنة بأول ما يعتبر فيها وهو عدم المنغص، أتبعه ما يطلب بعده وهو تناول الملتذات، وكان الأكل قد فهم من ذكر لفظ الجنة، ذكر المشروب لذلك ولدلالته إذا كان جاريا علي زيادة حسن الجنة وكثرة ما فيها من النباتات المقيتة والمفكهة من النجم والأشجار والري والأطيار، فقال لأنه ليس كل جنة مما نعرفه فيه ماء جارٍ بنفسه: {فيها} أي الجنة.
ولما كان الماء الجاري صالحاً لأن يقسم إلى أماكن كثيرة، وحد قوله المراد به الجنس الشامل للكثير مقابلة لعين أهل النار في دار البوار: {عين جارية} أي عظيمة الجري جدًّا، فهي بحيث لا تنقطع أصلاً لما لأرضها من الزكاء والكرم وما لمائها من الغزارة وطيب العنصر، فهو صالح لأن يعم جميع نواحيها أقاصيها وأدانيها وإن عظم اتساعها وتناءت أقطارها وبقاعها، كما نراه يجري من ساق الشجرة الكبيرة جدًّا فيسقي جميع أغصانها وأوراقها وثمارها، ويزيد على ذلك بأن جريه من أسفل إلى فوق، يجدبه جادب الشوق ويسوقه أي سوق يقدره الخلاق العليم، والذي قدر على هذا كما هو مشاهد لنا لا نشك فيه قادر على أن يجعل هذه العين- الصالحة للجنس ولو كانت واحدة بالشخص- عامة لجميع مرافق الجنة تجري إلى خيامها ورياضها وبساتينها ومصانعها ومجالسها ويصعدها إلى أعالي غرفها وإن علت، مقسمة بحسب المصالح، موزعة على قدر المنافع، بغاية الإحكام بما كان لداخلها من الخضوع الذي يجري منهم الدموع ويقل الهجوع ويكثر الظمأ والجوع.
ولما لم يبق بعد الأكل والشرب إلا الاتكاء، قال مفهماً أنهم ملوك: {فيها} معيداً الخبر قطعاً للكلام عن الأول تنبيهاً على شرف العين لأن الماء مما لا حياة بدونه {سرر} أي زائدة الحد في العكثرة، جمع سرير وهو مقعد عال يجلس عليه الملك ينقل إلى الموضع الذي يشتهيه، سمي بذلك لأنه يسر النفس، والمادة كلها للسرور والطيب والكرم، ولذلك يطلق على الملك والنعمة وخفض العيش {مرفوعة} أي رفعها رافع عظيم في السمك وهو جهة العلو ليرى الجالس عليها جميع ملكه وما نعم به وما شاء الله من غيره وفي القدر، لا كما تعهدونه في الدنيا، بل ارتفاعها نمط جليل من مقدار عظمة رافعها الذي رفع السماء، فالتنكير للتعظيم، وبنى الاسم للمفعول للدلالة على أنه ليس له من ذاتها إلا الانخفاض، وأما ارتفاعها فبقسر القادر على كل شيء، وهذا يدل على أنها كسماء لا عمد لها، قال البغوي: قال ابن عباس رضي الله عنهما: ألواحها من ذهب مكللة بالزبرجد والدر والياقوت مرتفعة ما لم يجئ أهلها، فإذا أراد أن يجلس عليها تواضعت له حتى يجلس عليها- ثم ترتفع إلى مواضعها- انتهى.
وذلك بما كانوا يتواضعون ويباشرون من مشاق العبادات على التراب ورث الأثواب.
ولما كان المستريح يحتاج إلى تكرار الشرب وما يشرب فيه قال: {وأكواب} جمع كوب وهو إناء لا عروة له، فهو صالح للمناولة والشرب من كل جهة {موضوعة} أي ملآى وهي بحيث يسهل عليهم تناولها.
ولما كان من هو بهذه المثابة يحتاج إلى المساند والفرش الزائدة قال تعالى: {ونمارق} أي مساند يستندون إليها، جمع نمرقة بالفتح والضم وهي الوسادة {مصفوفة} أي بعضها إلى بعض فهي في غاية الكثرة كأنها الروابي المنضدة على بساط الأرض {وزرابيّ} أي بسط عريضة كثيرة الوبر كأنها الرياض فاخرة ناضرة زائدة عن مواضع استراحاتهم، وهي جمع زربية {مبثوية} أي مبسوطة على وجه التفرق في المواضع التي لا يراد التنزه بها من مواضع الرياحين النابتة والأشجار المتشابكة كما بسط سبحانه وتعالى أديم الأرض ورصعه بأنواع النبات الفاخرة بما بسطوا أنفسهم في الدنيا للحق وألانوها له. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{وُجُوهٌ يومئِذٍ ناعمة (8)}
اعلم أنه سبحانه لما ذكر وعيد الكفار، أتبعه بشرح أحوال المؤمنين، فذكر وصف أهل الثواب أولاً، ثم وصف دار الثواب ثانياً أما وصف أهل الثواب فبأمرين أحدهما: في ظاهرهم، وهو قوله: {ناعمة} أي ذات بهجة وحسن، كقوله: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النعيم} [المطففين: 24] أو متنعمة.
والثاني: في باطنهم وهو قوله تعالى: {لِسَعْيِهَا راضية (9)}
وفيه تأويلان:
أحدهما: أنهم حمدوا سعيهم واجتهادهم في العمل لله. لما فازوا بسببه من العاقبة الحميدة كالرجل يعمل العمل فيجزى عليه بالجميل، ويظهر له منه عاقبة محمودة فيقول، ما أحسن ما عملت، ولقد وفقت للصواب فيما صنعت فيثنى على عمل نفسه ويرضا.
والثاني: المراد لثواب سعيها في الدنيا راضية إذا شاهدوا ذلك الثواب، وهذا أولى إذ المراد أن الذي يشاهدونه من الثواب العظيم يبلغ حد الرضا حتى لا يريدوا أكثر منه، وأما وصف دار الثواب، فاعلم أن الله تعالى وصفها بأمور سبعة: أحدها قوله: {فِي جَنَّةٍ عالية (10)}
ويحتمل أن يكون المراد هو العلو في المكان، ويحتمل أن يكون المراد هو العلو في الدرجة والشرف والمنقبة، أما العلو في المكان فذاك لأن الجنة درجات بعضها أعلى من بعض، قال عطاء: الدرجة مثل ما بين السماء والأرض.
وثانيها: قوله: {لَا تسمع فِيهَا لاغية (11)}.
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى:
في قوله: {لا تسمع} ثلاث قراآت:
أحدها: قرأ عاصم وحمزة والكسائي بالتاء على الخطاب {لاغية} بالنصب والمخاطب بهذا الخطاب، يحتمل أن يكون هو النبي صلى الله عليه وسلم وأن يكون لا تسمع يا مخاطب فيها لاغية، وهذا يفيد السماع في الخطاب كقوله: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ} [الإنسان: 20] وقوله: {إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ} [الإنسان: 19] ويحتمل أن تكون هذه التاء عائدة إلى {وجوه} [الغاشية: 8]، والمعنى لا تسمع الوجوه فيها لاغية.
وثانيها: قرأ نافع بالتاء المنقوطة من فوق مرفوعة على التأنيث {لاغية} بالرفع.
وثالثها: قرأ ابن كثير وأبو عمرو {لا يسمع} بالياء المنقوطة من تحت مضمومة على التذكير {لاغية} بالرفع، وذلك جائز لوجهين:
الأول: أن هذا الضرب من المؤنث إذا تقدم فعله.
وكان بين الفعل والاسم حائل حسن التذكير، قال الشاعر:
إن امرءاً غره منكن واحدة ** بعدي وبعدك في الدنيا لمغرور

والثاني: أن المراد باللاغية اللغو فالتأنيث على اللفظ والتذكير على المعنى.
المسألة الثانية:
لأهل اللغة في قوله: {لاغية} ثلاثة أوجه أحدها: أنه يقال: لغا يلغو لغواً ولاغية، فاللاغية واللغو شيء واحد، ويتأكد هذا الوجه بقوله سبحانه: {لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً} [مريم: 62]، وثانيها: أن يكون صفة والمعنى لا يسمع كلمة لاغية.
وثالثها: قال الأخفش: {لاغية} أي كلمة ذات لغو كما تقول: فارس ودارس لصاحب الفرس والدرع، وأما أهل التفسير فلهم وجوه أحدها: أن الجنة منزهة عن اللغو لأنها منزل جيران الله تعالى وإنما نالوها بالجد والحق لا باللغو والباطل، وهكذا كل مجلس في الدنيا شريف مكرم فإنه يكون مبرأ عن اللغو وكل ما كان أبلغ في هذا كان أكثر جلالة، هذا ما قرره القفال.
والثاني: قال الزجاج لا يتكلم أهل الجنة إلا بالحكمة والثناء على الله تعالى على ما رزقهم من النعيم الدائم.
والثالث: عن ابن عباس يريد لا تسمع فيها كذباً ولا بهتاناً ولا كفراً بالله ولا شتماً.
والرابع: قال مقاتل: لا يسمع بعضهم من بعض الحلف عند شراب كما يحلف أهل الدنيا إذا شربوا الخمر وأحسن الوجوه ما قرره القفال.
الخامس: قال القاضي: اللغو ما لا فائدة فيه، فالله تعالى نفى عنهم ذلك ويندرج فيه ما يؤذي سامعه على طريق الأولى.
الصفة الثالثة للجنة: قوله تعالى: {فِيهَا عين جارية (12)}
قال صاحب الكشاف: يريد عيوناً في غاية الكثرة كقوله: {عَلِمَتْ نَفْسٌ} [التكوير: 14] قال القفال: فيها عين شراب جارية على وجه الأرض في غير أخدود وتجري لهم كما أرادوا، قال الكلبي: لا أدري بماء أو غيره.
الصفة الرابعة: قوله تعالى: {فِيهَا سُرُرٌ مرفوعة (13)}
أي عالية في الهواء وذلك لأجل أن يرى المؤمن إذا جلس عليها جميع ما أعطاه ربه في الجنة من النعيم والملك، وقال خارجة بن مصعب: بلغنا أنها بعضها فوق بعض فيرتفع ما شاء الله فإذا جاء ولي الله ليجلس عليها تطامنت له فإذا استوى عليها ارتفعت إلى حيث شاء الله، والأول أولى، وإن كان الثاني أيضًا غير ممتنع لأن ذلك بما كان أعظم في سرور المكلف، قال ابن عباس: هي سرر ألواحها من ذهب مكللة بالزبرجد والدر والياقوت مرتفعة في السماء.
الصفة الخامسة: قوله تعالى: {وَأَكْوَابٌ موضوعة (14)}
الأكواب الكيزان التي لا عرى لها قال قتادة: فهي دون الأباريق.
وفي قوله: {موضوعة} وجوه:
أحدها: أنها معدة لأهلها كالرجل يلتمس من الرجل شيئاً فيقول هو هاهنا موضوع بمعنى مع.
وثانيها: {موضوعة} على حافاة العيون الجارية كلما أرادوا الشرب وجدوها مملوءة من الشر.
وثالثها: {موضوعة} بين أيديهم لاستحسانهم إياها بسبب كونها من ذهب أو فضة أو من جوهر، وتلذذهم بالشراب منه.
ورابعها: أن يكون المراد {موضوعة} عن حد الكبر أي هي أوساط بين الصغر والكبر كقوله: {قدروهَا تَقْدِيراً} [الإنسان: 16].
الصفة السادسة: قوله تعالى: {وَنَمَارِقُ مصفوفة (15)}
النمارق هي الوسائد في قول الجميع واحدها نمرقة بضم النون، وزاد الفراء سماعاً عن العرب نمرقة بكسر النون، قال الكلبي: وسائد {مصفوفة} بعضها إلى جانب بعض أينما أراد أن يجلس جلس على واحدة واستند إلى أخرى.
الصفة السابعة: قوله تعالى: {وَزَرَابِيُّ مبثوثة (16)}
يعني البسط والطنافس واحدها زربية وزربي بكسر الزاي في قول جميع أهل اللغة، وتفسير {مبثوثة} مبسوطة منشورة أو مفرقة في المجالس. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وُجُوهٌ يومئِذٍ ناعمة} أي ذات نَعْمة.
وهي وجوه المؤمنين؛ نَعِمت بما عاينت من عاقبة أمرها وعملها الصالح.
{لِّسَعْيِهَا} أي لعملها الذي عملته في الدنيا.
{راضية} في الآخرة حين أُعطيت الجنة بعملها.
ومجازه: لثواب سعيها راضية.
وفيها واو مضمرة.
المعنى: ووجوه يومئذٍ، للفصل بينها وبين الوجوه المتقدمة.
والوجوه عبارة عن الأنفس.
{فِي جَنَّةٍ عالية} أي مرتفعة، لأنها فوق السموات حَسْب ما تقدم.
وقيل: عالية القدر، لأن فيها ما تشتهيه الأنفس وتَلَذّ الأعين.
وهم فيها خالدون.
{لَا تسمع فِيهَا لاغية (11)}
أي كلاماً ساقطاً غير مَرْضيّ.
وقال: {لاغية}، واللَّغْو واللَّغَا واللاغية: بمعنى واحد.
قال:
عنِ اللَّغَا ورَفَثِ التَّكلمِ

وقال الفرّاء والأخفش: أي لا تسمع فيها كلمة لغو.
وفي المراد بها ستة أوجه:
أحدها: يعني كذباً وبُهتاناً وكفراً بالله عز وجل؛ قاله ابن عباس.
الثاني: لا باطل ولا إثم؛ قاله قتادة.
الثالث: أنه الشتم؛ قاله مجاهد.
الرابع: المعصية؛ قاله الحسن.
الخامس: لا يسمع فيها حالف يحلف بكذب؛ قاله الفرّاء.
وقال الكلبيّ: لا يُسمع في الجنة حالف بيمين برّة ولا فاجرة.
السادس: لا يسمع في كلامهم كلمة بلغو؛ لأن أهل الجنة لا يتكلمون إلا بالحكمة وحمدِ الله على ما رزقهم من النعيم الدائم؛ قاله الفرّاء أيضًا.
وهو أحسنها لأنه يعمّ ما ذُكر.
وقرأ أبو عمرو وابن كثير {لا يُسْمَع} بياء غير مسمّى الفاعل.
وكذلك نافع، إلا أنه بالتاء المضمومة؛ لأن اللاغية اسم مؤنث فأنث الفعل لتأنيثه.
ومن قرأ بالياء فلأنه حال بين الاسم والفعل الجار والمجرور.
وقرأ الباقون بالتاء مفتوحة {لاغية} نصاً على إسناد ذلك للوجوه، أي لا تسمع الوجوه فيها لاغية.
قوله تعالى: {فِيهَا عين جارية}
أي بماء مندفق، وأنواع الأشربة اللذيذة على وجه الأرض من غير أُخدود.
وقد تقدم في سورة (الإنسان) أن فيها عيوناً.
ف {عين}: بمعنى عيون.
والله أعلم.
{فِيهَا سُرُرٌ مرفوعة} أي عالية ورُوي أنه كان ارتفاعها قدر ما بين السماء والأرض، ليرى ولي الله ملكه حوله.
{وَأَكْوَابٌ موضوعة} أي أباريق وأوانٍ.
والإبريق: هو ما له عُروة وخُرطوم.
والكوب: إناء ليس له عروة ولا خرطوم.
وقد تقدم هذا في سورة (الزخرف) وغيرها.
{وَنَمَارِقُ} أي وسائد، الواحدة نُمْرُقة.
{مصفوفة} أي واحدة إلى جنب الأخرى.
قال الشاعر:
وإنا لنُجْرِي الكاس بين شُروبنا ** وبينَ أبي قابوسَ فَوقَ النَّمارقِ

وقال آخر:
كُهولٌ وشبانٌ حِسانٌ وجوهُهُمْ ** على سُرُرٍ مصفوفة ونمارقِ

وفي الصحاح: النُّمرق والنُّمرقة: وسادة صغيرة.
وكذلك النِّمرِقة بالكسر لغة حكاه يعقوب.
وربما سموا الطِّنْفِسة التي فوق الرحْل نُمرقة؛ عن أبي عُبيد.
{وَزَرَابِيُّ مبثوثة}: قال أبو عُبيدة: الزرابيّ: البُسُط.
وقال ابن عباس: الزَّرابيّ: الطَّنافس التي لها خَمْل رقيق، واحدتها: زُرْبِيّة؛ وقال الكلبيّ والفرّاء.
والمبثوثة: المبسوطة؛ قال قتادة.
وقيل: بعضها فوق بعض؛ قاله عكرمة.
وقيل: كثيرة؛ قاله الفراء.
وقيل: متفرقة في المجالس؛ قاله القُتَبيّ.
قلت: هذا أصوب، فهي كثيرة متفرقة.
ومنه {وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ} [البقرة: 164].
وقال أبو بكر الأنباري: وحدّثنا أحمد بن الحسين، قال حدّثنا حسين بن عرفة، قال حدّثنا عمار بن محمد، قال: صليت خلف منصور بن المعتمر، فقرأ: {هَلْ أَتَاكَ حديث الغاشية}.
وقرأ فيها: {وَزَرَابِيُّ مبثوثة}: متكئين فيها ناعمين. اهـ.